الفوبيا .. أهم أنواعها وأعراضها

بقلم: سلافة محمود 


الفوبيا، والخوف الغير مبرر.
دائمًا هناك أشياءًا يخاف منها الإنسان دون مبرر لهذا الخوف، كخوف بعض الناس من الحشرات رغم علمهم أنها غير مؤذية، خوفهم من الأماكن المرتفعة، خوفهم من الأماكن الضيقة التي تتسبب في ضيق تنفس لهم، حتى أن هناك أشخاص يخافون من بعض الفواكه مثل فاكهة الجوافة مثلًا.
يتعرضون للتنمر والسخرية، ويلومون أنفسهم ويحاولون إقناعها أن هذه الأشياء غير مؤذية. لكن مشاعرهم لا تأبه لهذه المحاولات المقنعة وتظل تشعر بالخوف المؤدي إلى التشنج والتعرق الشديد وأحيانًا الصراخ أو الثبات القاتل وكأنهم تعرضوا لصدمة أفقدتهم النطق والحركة.
اهلًا بكم في عالم الفوبيا.

تعريف الخوف

في البداية دعونا نضع تعريفًا دقيقًا لمعنى كلمة خوف.
الخوف هو تهديد لحالة استقرار وأمن نعيشها، هو توقع إيذاء ليس بعيد المدى، ولكنه إيذاء وشيك الوقوع.
الخوف ليس جُبنًا، والخوف ليس مناقضًا للشجاعةربما كان هذا جائز لغويًا لكنه غير جائز من الناحية النفسية. فكل إنسان يخاف من شيئًا ما. وهذه الأشياء تختلف من إنسان لإنسان. فقد نجد قائد الطائرة يخاف من ركوب السفن مثلا، ومصارع يخاف من الكلاب.
الخوف انواعًا ودرجات فبعض مخاوفنا لها مبرر ونشترك فيها جميعًا ولكن هناك بعض المخاوف ليس لها مبرر. كالخوف من أشياء لاتُشكل تهديدًا على الإنسان، هو نفسه يتعجب لماذا يخاف منها. وهو خوف حد الهلع والذعر وانحباس الصوت أو الصراخ الشديد.
وهذا الإنسان غالبًا مايتصور أنه أقل من الآخرين وقد يكون هذا غير حقيقي، كما يشعر أنه يجب أن يتحاشى الناس؛ فيدخل في عُزلة إجتماعية. والخوف الغير مبرر هذا، تم تصنيفه كمرض نفسي يسمى الفوبيا.

اقرأ أيضا: اضطراب ثنائي القطب، كتاب "عقل غير هادئ" 

ما هي الفوبيا؟

الفوبيا، كلمة تشتق من كلمة يونانية تعني الخوف الشديد، الخوف المفرط المصاحب لرد فعل غير عقلاني. وتعبر عن مجموعة خاصة من حالات الرعب والقلق والذعر المرتبط بالأشياء والأماكن، فهو خوف غير مبرر وغير منطقي.
تمنع الفوبيا الإنسان من الاستمتاع بالسفر وغيره وتحرم الناس من التمتع بالحياة.
قد يكون بعض العزاء لو أنك مريض فوبيا لست وحدك من يخوض هذه التجربة فهناك كثير من المشاهير عانوا مع الفوبيا، في الواقع الكثير من الأفراد الناجحين وذوي المكانة العالية على مدى التاريخ البشري قد عانوا إلى حد كبير من ظروف مخاوف مرضية واسعة التنوع.

مشاهير أصابتهم الفوبيا:

نابليون بونابرت  (الخوف من القطط)
الملكة اليزابيث (الخوف من الورود)
سيجموند فرويد (الخوف من نوبة القلق في مكان تحمع جماهيري،يكون من الصعب عليه الهروب) وغيرهم.

 

أسباب الفوبيا:

لقد توصل العلماء إلى أنه هناك عدة أسباب منها:

  • أسباب وراثية:
    وسببها انتقال بعض الجينات المصابة بخلل معين من الأباء إلى الأطفال.
  • أسباب اجتماعية ناتجة عن خبرات الحياة:
    قد يكون الشخص قد أصيب بالفوبيا نتيحة تعرضه لموقف معين.
    مثال: (تذكر ماري أحد المصابيين أنها أصبحت تخاف من الأماكن المغلقة حيث أنها تعرضت في طفولتها لحادثة وهي؛ أنها في عمر ثمانية سنوات كان أصدقاءها من الجيران يمزحون معها فقاموا بلفها في سجادة وتم إلقاءها في الشارع لتسقط لولبيًا، من بعدها أصبح لديها فوبيا الاماكن المغلقة والحبس في المساحات الضيقية، وتعايش الكثير من نوبات القلق). وقد يصاب الأطفال نتيجة المعاملة السيئة أو الخطأ من الأهل.
    إن حالات الفوبيا هي ظاهرة طبيعية ومتوقعة نتيجة عدم توازن نظامنا العصبي، إنها نتيجة مركبة ومتفاقمة بغعل المعلومات السيئة والتفسير المضلل للتجربة الذاتية التي يعيشها الفرد.

    وقد يحدث هذا نتيجة:

    1. تجارب وصدمات الحياة.
    2. نمط الشخصية.
    3. الاضطرابات الأساسية في المزاج، القلق، السلوك.
    4. اختيارات أسلوب حياة وأنشطة غير صحيحة.
    5. نقص في الدعم وضعف مهارات التكيف مع الناس والبيئة والمجتمع.

  • أسباب طبية:
    فقد يُصاب الشخص بالفوبيا نتيجة إصابته بمرض معين، مثل عدم التوازن الهرموني، الألم المزمن، الإكتئاب، اضطرابات الغدة الدرقية، الصدمة الدماغية وغيرهم. كل هؤلاء يقومون بضعف الصحة الإنفعالية لدى الشخص، وأيضا بعض العلاجات التي تساعد على زيادة القلق مثل أدوية الغدة الدرقية والأدوية المضادة للإكتئاب وأقراص الرجيم. كلها تلعب دورا هاما في إحداث عدم توازن في كيمياء المخ.

أنواع الفوبيا:

تتعدد انواع الفوبيا، لايمكننا حصر كل أنواعها لأنها كثيرة جدًا ومتعددة، لكننا سنتحدث عن أشهرها:

  1. فوبيا الأماكن الواسعة: الخوف من الأماكن المفتوحة، حيث يشعر المريض أنه سيحدث له شيئًا يستدعي وجوده في البيت ولن يستطيع الوصول إليه في وقتٍ صحيح، مثل إصابته بإسهال شديد أو قيء مفاجيء.
  2. الأماكن المرتفعة: يخاف فيها المريض من السقوط من هذه الأماكن، أو يتوقع حدوث كارثة طبيعية كزلزال تتطلب منه الخروج من المبنى بأقصى سرعة.
  3. الفوبيا الإجتماعية: تشتمل على الخوف من المواقف الإجتماعية أو مواقف الأداء أمام الجميع، يخاف من التعرض للتنمر أو الخزي أمامهم. وأصحاب هذه الفوبيا يتفادون التواجد في التجمعات بسبب خوفهم الغير مبرر من نظرات الناس إليهم. وعادة ماتبدأ هذه الفوبيا في مرحلة الشباب أو في الطفولة بعد معايشة خبرة اجتماعية مجهدة ومخزية.
  4. التحدث أمام الناس.
  5. الطيران
  6. الحشرات
  7. الفواكه .. وغيرها الكثير والكثير من أنواع الفوبيا.

اقرأ أيضًا: الوسواس القهري، أعراضه وأنواعه

الأعراض:

إن الفوبيا لها أعراض مختلفة عن الأمراض العقلية الخطيرة مثل الفصام، في الفصام يعاني الأشخاص من هلوسات بصرية وسمعية وأوهام وجنون العظمة وأعراض سلبية مثل انعدام التلذذ وأعراض غير منظمة، أما الفوبيا قد تكون غير منطقية لكن الاشخاص المصابيين بها لايفشلون في اختبار الواقع والشعور به وعدم الانفصال عنه وإدراكه.
يصاب الشخص المصاب بالفوبيا بنوبات الهلع، تسارع ضربات القلب، ضيق في التنفس، سرعة في الكلام أو عدم قدرة على الكلام، جفاف الفم، اضطراب المعدة، الغثيان، ارتفاع ضغط الدم، الشعور بالإرتجاف، ألم في الصدر وضيق في التنفس، دوخة، التعرق الغزير، الشعور بالهلاك الوشيك.

يتعرض مريض الفوبيا لثلاث أنواع من الاحاسيس أثناء دخولهم في حالة قلق وهلع نتيجة تعرضهم لمصدر الخوف الخاص؛ هذه الأنواع هي:

 

  • جسدية:
    يعيش بعض الناس حالات الفوبيا في ضوء أحاسيس جسدية، فيقول أحد المصابين" شعرت كما لو كنت أختنق، قلبي يدق بعنف، كان العرق يتصبب مني بغزارة، أشعر بدوار ودوخة، يدي ترتعش، وكل عضلات جسمي ترتجف".
  • ذهنية:
    يعيش بعض الناس حالات الفوبيا كصورة ذهنية افكارًا أو اصواتًا داخلية (يقول أحد المصابيين كانت الأفكار تتسابق للخروج عن سيطرتي، كل ما استطعت تصويره النظرة المتوحشة في عيون الكلب، شعرت بأن كل فرد في الحجرة كان ينظر إليٍَ لازلت أسمع صوت أبي وهو يقول لا تكن أبله تماسك وسيطر على ذاتك ولكني لم استطع)
    كما هو الحال مع الأحاسيس الجسدية، يمكن أن تكون هذه المشاعر الذهنية مرعبة، وكما قال أحد المرضى أعرف أنني كنت أرعب نفسي بترديد أفكار سلبية ومهددة ولكنني لم استطع أن أقاوم نفسي كانت أفكاري تبدو كما لو كانت لها حياة ذاتية، كنت أتعرض للهجوم من أفكاري الخاصة- وماذا يمكن أن يكون أكثر إرهابًا وتخويفا من ذلك .
  • انفعالية:
    اما الإحساس الإنفعالي ( يكون على هيئة موجة عارمة من الرعب تتملك الشخص، وكان بينه وبين الموت خطوة).

العلاج:

يمكن أن يشمل علاجها تقنيات علاجية وأدوية أو مزيج من الإثنين معًا. أدوية مضادات الإكتئاب وامضادات القلق تساعد في تهدئة ردود الفعل العاطفية والجسدية للخوف، في كثير من الأحيان يكون الجمع بين الأدوية والعلاج المهني هو الأمثر فائدة.
أو بالعلاج السلوكي المعرفي، وفيه يتعرض المريض للفوبيا المصاب بها بالتدريج؛ فإذا كان لديه فوبيا القطط يضعه الطبيب موقف تحت سيطرة الطبيب نفسه ويقوم بتشغيل صوت قطة وفيها يتحكم الطبيب في سلوك المريض، وتدريجيًا يعتاد المريض على الأمر حتى يعرضه الطبيب لقط حقيقي.
النساء هم الأكثر عرضة للإصابة بأنواع كثيرة من الفوبيا، مثل الخوف من الحيوانات.
أما الأطفال والاشخاص ذو المكانة الإجتماعية والإقتصادية المنخفضة هم أكثر عرضه للإصابة بالفوبيا الإجتماعية، أما الرجال فهم معرضون أكثر للإصابة بفوبيا طبيب الأسنان.

المصادر:

https://www.healthline.com/health/phobia-simple-specific

https://www.health.harvard.edu/a_to_z/phobia-a-to-z

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النرجسي السيكوباتي .. نموذج حي للشيطان على الارض

حقائق مهمة عن اضطراب ثنائي القطب

تطبيقات الذكاء الاصطناعي للدعم النفسي