ماذا لو كانت صفات توأم الروح مختلفة عن صفاتك ؟

 

صفات توأم الروح

كلنا نحلم بالحب ونبحث عنه، من بين كل الأشخاص الباحثين عن الحب. هناك من هم يؤمنون بأسطورة توأم الروح. يحلمون يومًا بلقاء نصفهم الآخر ومواصلة حياتهم معه. قد يقضي البعض سنوات من حياتهم يرسمون صورة توأم الروح في خيالاتهم فيتصورون بالتأكيد أن صفات توأم الروح تكون في معظمها صفات إيجابية ومثالية. وأنهم بالتأكيد سيقعون في حب شخص يكاد يكون خالي من العيوب. وهو أمر طبيعي جدًا عندما يتعلق الأمر بالأحلام في الحب. لا أحد يحلم بالعيوب كلنا نحلم بالمميزات. كما أن الجميع يحلم بأن يقع في حب شخص يشبهه، كل الباحثين عن توأم الروح يتوقعون بالضرورة أن توأم الروح هو شخص يشبههم في ميولهم وطباعهم وإهتماماتهم.

الأمر الذي كثيرًا ما يتسبب في حالة صدمة أو إرتباك للبعض. حين يكتشف أنه عثر أخيرًا على حبه المنتظر لكنه اكتشف أن الواقع اختلف بعض الشيء عن الصورة التي كان ظل يحلم بها طويلًا.
قد يكتشف البعض أن توأم روحه قد لا يكون بالشخص السيء. لكنه شخص مختلف عنه تمامًا في عالمه وإهتماماته وطباعه وشخصيته. ذلك الإختلاف كثيرًا ما يشكل قلق لأي شخص واقع في الحب أو على وشك الدخول في علاقة عاطفية والإرتباط بحبيبه بشكل رسمي أو جدي.

ليست "ريتشل" .. she’s not Rachel:

 

هناك مشهد شهير من أشر مشاهد مسلسلFriends  الشهير. عن قصة الحب الطويلة ما بين أحد أبطال المسلسل "روس" و " ريتشل". يصاب "روس" بحيرة عند محاولته الاختيار بين "ريتشل" (حب حياته) و "جولي" الفتاة التي كان يواعدها، اقترح عليه أصدقائه أن يكتب قائمة بممزات وعيوب كل من "جولي" و "ريتشل" حتى يتمكن من المفاضلة بينهما.

بدأ روس بكتابة عيوب "ريتشل" وقال: ريتشل مدللة جدًا، تتصرف بطيش شديد، غير طموحة وليست أكثر من نادلة تخدم الزبائن في مقهى. لكن "جولي" بيني وبينها الكثير من الإهتمامات المشتركة، مثقفة وطموحة، كلانا متخصص في علم الأحياء. حاول أن يتذكر عيوبها عجز أن يذكر عيب واحد فيها... وبعد لحظات قال

عيبها الوحيد أنها ليست "ريتشل" .. she’s not Rachel !

هذا المشهد يعتبر من أكثر المشاهد التي جسدت ببساطة معنى ارتباط مشاعرك بشخص مختلف عنك تمامًا  لمجرد أنه هو.  قد يستحوذ شخص على مشاعرك، وتستحوذ أنت على مشاعره بالشكل الذي يجعل كل منكما عاجز عن تخيل نفسه مع شخص آخر. مهما كانت درجة مميزاته، يظل عيبه الأكبر أنه ليس توأم روحك، ليس الشخص الذي تشعر معه بالإنسجام والإرتياح العاطفي الذي تشعر به مع توأم الروح.

اقرأ أيضًا: معنى توأم الروح.

وهنا يظهر سؤال مهم:

 هل من الضروري أن يكون هناك تشابه بين صفات توأم الروح وشخصيته وبين صفاتنا وشخصيتنا حتى يكون هناك توافق وتفاهم بيننا وتنجح علاقتنا؟

قام أحد علماء النفس بجامعة تكساس وإسمه  Dr. Ted Hudson  بإجراء دراسة على عدد من الأزواج والزوجات المتزوجين منذ سنوات. مع الأخذ في الاعتبار أن جميع الأزواج الذين خضعوا للدراسة كان لدى كل منهم بينه وبين شريك حياته درجات متفاوتة من التوافق والتقارب بينهم في المميزات والطباع والإهتمامات المشتركة.

وبطبيعة الحال أظهرت نتائج الدراسة أن هناك أزواج يشعرون بالسعادة في حياتهم الزوجية. وأزواج للاسف لا يشعرون بالسعادة التي كانوا يتوقعونها.

الملحوظة الغريبة أن الأزواج الذين علقوا أنهم مفتقدين للشعور بالسعادة الزوجية. عندما سئلوا عن السبب أجابوا أن السبب هو عدم وجود توافق كافي بينهم وبين شركاء حياتهم، وأنهم ليسوا متفاهمين بدرجة كافية.

أما بالنسبة للأزواج الذين وصفوا حياتهم بأنها سعيدة، حين سألوا عن سبب تلك السعادة لم يتحدث أي من الطرفين عن أن سبب سعادتهم كان التوافق، أو تشابه صفات الطرفين وطباعهما.
لم يرى أي من هؤلاء الأزواج أن سبب سعادتهم سويًا أن الطرف الآخر شخص يشبههم، وإنما عبر معظمهم أن السر وراء نجاحهم وسعادتهم الزوجية كان سببه الأساسي هو تمسك كل طرف منهما بالآخر وقرارهما بأن يجعلا من علاقتهما علاقة ناجحة مهما حدث.
ذلك القرار بمواصلة الحياة مع الطرف الآخر كان أهم سبب في أن أصبح كل طرف منهما لديه قناعة أنه ملزم بالعطاء والتضحية والإنصات للآخر، الأمر الذي ساعد على خلق مساحة كبيرة من التفاهم والتوافق!

دكتور Ted استنتج من هذه الدراسة أن التوافق لا يتوقف بشكل رئيسي على صفات أصحاب العلاقة العاطفية ومميزات وعيوب كل طرف منهما. ومدى تشابه طباعهما وميولهما، وإنما مفهوم التوافق أوسع من ذلك بكثير.

النجاح في العلاقات العاطفية يتوقف على عدة عوامل والأمر أوسع من مجرد تشابه عالم الحبيبين. ذلك الاعتقاد السائد أن عدم السعادة في الحياة العاطفية والزوجية وعدم التوافق بينهما سببه عدم التشابه بين الحبيبين هو اعتقاد خاطئ للأسف.

اقرأ أيضًا: 10 علامات على العلاقة العاطفية الناجحة

 

https://www.youtube.com/watch?v=uzcDqt_9HKc&t=36s

 

 تحقيق التفاهم والتوافق بين الحبيبين مفهومه أوسع من أن يكون هناك تشابه بين طباعهما وميولهما أو بين مميزات كل طرف وعيوبه!

النجاح في الارتباط العاطفي والزواج متوقف بالدرجة الأولى على فهم طبيعة العلاقات العاطفية ومتطلباتها. ومساحة التفاهم والتوافق بين أي زوجين لا توجد من تلقاء نفسها. لكنها تحتاج جهد وصبر من الطرفين للعمل على خلقها وزيادة مساحتها بينهما.

بالطبع هناك ضرورة أن يكون شريك حياتك شخص لديه مميزات – لا أحد يبحث عن العيوب- وكذلك لابد من وجود بعض من التوافق والعوامل المشتركة بين الحبيبين. لكن هذه العوامل ليست الأساسية. بل أن الأعتماد أكثر من اللازم على أنك ارتبطت بشخص مثالي (وفقًا للحسابات العقلانية) ولديه طباع تشبه طباعك. كثيرًا ما يؤدي إلى الفشل في العلاقات!

ظن كل طرف بأنه سينجح في الزواج أو الارتباط العاطفي فقط لأنه حصل على شخص مثالي (من زاوية العقل)، للأسف أحيانًا يؤدي إلى فشل العلاقة العاطفية!


لأن من يعتمدون على تلك الطريقة في اختيار شريك حياتهم للأسف يظنون أنهم لن يكونوا في حاجة إلى بذل مجهود في علاقاتهم. في حين أن أي علاقة عاطفية تحتاج لمجهود وتنازلات وعطاء وتجاوزات مهما كانت مميزات أصحابها.

إذن وفقًا لنظرية د. تيد، فإن تبريرنا الدائم لفشل العلاقات العاطفية. وإفتقادها للسعادة بأن عدم وجود توافق كافي بين الطرفين هو تبرير خاطئ تمامًا، وإنما أحيانًا يكون العكس هو الصحيح. عدم التوافق هو نتيجة فشل العلاقة العاطفية وعدم فهم أصحابها بشكل كافي لقانون العلاقات والحب وليس السبب فيه.

الفهم الخاطئ لطبيعة العلاقات العاطفية التي لا تخضع فقط لمجرد حساب المميزات والعيوب والنقاط المتشابهة بين الطرفين. وإنما تخضع لعوامل أخرى عدم فهمها يؤدي إلى حدوث فجوة بين أي زوجين أو طرفين. ومن ثم زيادة تدريجية في حالة عدم التوافق والتفاهم التي نظن أنها السبب في الفشل هي في الواقع نتيجة للفشل العاطفي وليست سببًا!

الأمر يعتمد بالدرجة الأولى على حجم رغبة الطرفين في إستكمال حياتهما سويًا. قناعة كل منهما أنهما قادرين على التخطي وعلى خلق مساحة  معقولة من التفاهم بينهما. بصرف النظر عن مميزات وعيوب كل شخص منهما. وهي الحالة التي بالطبع تكون في أقصى حالاتها في حالة العاطفة الصادقة والحب الحقيقي. ومن ثم يصبح حينها خلق مناخ من التفاهم والمنطقة الوسط بين طرفي العلاقة العاطفية أمر سهل ويمكن تحقيقه.

وهو الأمر الذي يحدث بالطبع في حالة وجود الحب الحقيقي، في حالة إرتباطك بتوأم روحك. حين تنجح قصة الحب تنجح لأن أصحابها تمكنا من ذلك نتيجة فهمهم الصحيح لاسباب نجاح الحب وليس لأن بينهما درجة كبيرة من الشبه في الصفات والمميزات .

اقرأ أيضًا: 29 نصيحة قبل الزواج

الخلاصة:

البعض منا يرى أن المشاعر والعاطفة تعتبر زاوية رومانسية أكثر من اللازم. لا ينبغي الاعتماد عليها عند محاولة إتخاذ قرار أو إختيار الشخص الذي سنقضي معه بقية حياتنا. وأن أهم منطق في معادلة إختيار شريك الحياة هو العقل وموزانة العيوب والمميزات الموجودة في الشخص الذي نفكر في الإرتباط به والمفاضلة بينهم. وأن النجاح متوقف على زيادة طباع الطرف الآخر ونسبة الصفات والإهتمامات المشتركة بيننا وبينه. ظنا منهم أن التوافق هو عبارة عن تشابه في الطباع. كلما زاد ذلك التشابه كلما زادت فرصة النجاح بين أي طرفين. ولا شك أن هذه وجهة النظر تحمل الكثير من الصواب.

لكن ثمة وجهة نظر أخرى أثبتها د. تيد في دراسته أن مفهوم التوافق أكبر من فكرة التشابه في الطباع والصفات. وانه معتمد بالدرجة الأولى على تمسك أصحاب العلاقة العاطفية ببعضهما البعض وقرار كل منهما بمواصلة حياته مع الآخر بمميزاته وعيوبه. بالشكل الذي جعل لكل منهما استعداد أكبر للعطاء والإنصات والتجاوز والتضحية من أجل الآخر ومن أجل استمرار العلاقة. وهي الأشياء التي حين يدركها كل طرف من طرفي العلاقة يصبح التوافق والتفاهم بينهما أمر طبيعي وأساسي في علاقتهما. بصرف النظر عن طباع وعيوب ومميزات كل طرف منهما.

لا تخشى فكرة بحب حياتك لمجرد أنه شخص مختلف عنك، أو لمجرد أنك اكتشفت أن صفات توأم الروح لا تشبهك أو أن عالمه مختلف عن عالمك. واعلم أن الكثير من التجارب أثبتت أن العلاقات الناجحة ليست ناجحة لأنها خضعت لعمليات حسابية بالورقة والقلم، وإنما هي نجحت فقط لأن أصحابها قرروا ذلك. وأدركوا بعد ذلك القرار أن الحب يستحق بذل المجهود والتضحيات، وبالتالي نجح كل طرف في فهم الآخر واستيعابه وبالتالي تحقيق مساحة واضحة من التفاهم والتوافق. 

المصدر:

https://www.learning-mind.com/psychology-finally-reveals-the-answer-to-finding-your-soulmate/

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النرجسي السيكوباتي .. نموذج حي للشيطان على الارض

حقائق مهمة عن اضطراب ثنائي القطب

تطبيقات الذكاء الاصطناعي للدعم النفسي