أزمة منتصف العمر أهم أسبابها وأعراضها والحلول

 

أزمة منتصف العمر هي حالة نفسية يمر بها الرجال والنساء على حد السواء ويغلب فيها على الأفراد الشك، والقلق. ويشعرون خلالها بعدم الراحة؛ عند إدراك أن منتصف العمر قد انتهى. من أهم سمات هذه المرحلة أنها مليئة بالضغوط فهي تشتمل على التأمل وإعادة تقييم الإنجازات؛ وتعتبر هذه المرحلة هي مرحلة الرشد الأوسط.

أكد العديد من الباحثين أن هناك لحظات حرجة تمر بالأفراد في مراحل حياتهم المختلفة ومن بينها أزمة منتصف العمر والتي تستمر لعدة سنوات. وأكد آخرون أن غالبية الأفراد يمرون بمرحلة انتقالية في منتصف العمر والتي تظهر ما بين سن الأربعين والخامسة والأربعين. وتستمر ما بين أربع أو خمس سنوات وقد تبدأ هذه المرحلة مبكرًا من سن الخامسة والثلاثين وحتى الخامسة والأربعين. على الأقل واحد من عشرة أفراد يعانون من أزمة في منتصف العمر. وتستمر في الإناث من سنتين إلى خمس سنوات وفي الذكور من 3سنوات إلى 10سنوات.

اقرأ أيضًا: الاضطرابات النفسية للمرأة الناتجة عن عوامل اجتماعية وبيئية

أسباب أزمة منتصف العمر:

تتعدد أسباب أزمة منتصف العمر أهمها ما يلي :-

  • أسباب مهنية: وهي جميع الضغوط الخاصة بالعمل من أعباء وضغوط وأحيانًا فقدان الوظيفة وغياب الثناء والتقدير.
  • أسباب أسرية: تتعلق باستقلال الأبناء، الخيانة الزوجية، ممارسة أدوار الآخرين والشعور الزائد بالمسئولية، الخلافات الأسرية، عقوق الأبناء.
  • فسيولوجية: (انقطاع الطمث لدى النساء) تدهور الصحة العامة، عدم القدرة على الإنجاب، وكذلك تغير الملامح من ظهور التجاعيد والترهلات والسمنة. أما لدى الرجال فتتمثل في ضعف عام في النشاط الجنسي نتيجة لنقص هرمون التستوستيرون حيث يبدأ في التناقص عند سن الخمسين ويكون معدل نقصه أقل قليلًا من معدل نقص هرمون الاستروجين عند المرأة.
  • اجتماعية: خيانة أحد الأصدقاء، اليأس من الآخرين وتغير مجرى الحياة، الشعور بمرارة الواقع، فقدان المساندة الاجتماعية، العنوسة.
  • نفسية: التوتر، فقدان معنى الحياة، الفشل في تحقيق الأهداف وانعدام الطموح، الفراغ العاطفي، الخوف من الموت، صراع القيم والمبادئ. كما يعتبر الحرمان من الحب والاهتمام خلال مرحلة الطفولة سبب رئيسي لأزمة منتصف العمر. والإنجازات التي يسعى الأفراد في منتصف عمرهم لتحقيقها ما هي إلا تعويض لهذه المشاعر. ولكن تنتهي هذه الحيلة مع الاصطدام بواقع التقدم في العمر والشعور بعدم تحقيق انجازات. وعلى ذلك فإن أزمة منتصف العمر هي عملية بحث عن الشباب الضائع. وصرخة لحرمان الطفولة، وفقدان تكوين الهوية في مرحلة التشتت نتيجة للمراهقة.
  • أسباب صدمية، كالإصابة بمرض مزمن أو استئصال أحد الأعضاء، الطلاق، الترمل، وفاة أحد الأبناء أو الوالدين، أو أحد الأصدقاء المقربين.

 

   جوانب أزمة منتصف العمر

تلازم أزمة منتصف العمر عدة جوانب وهي:

  • التقييم الذاتي حيث يعيد الفرد تقييم نفسه ويقارن الناس صورتهم الواقعية بصورتهم المثالية في ضوء التوقعات الاجتماعية.
  • إعادة تقييم الماضي إعادة تقييم ما تحقق من الأهداف الموضوعة مسبقًا في ضوء ما يعكسه من إشباع عاطفي يطابق أمنياته ومن المحتمل أن يكون الفرد حقق ما تمنى ولكنه لم يصل به إلى الإشباع المطلوب وتنتابه أسئلة مثل، ماذا فعلت بحياتي، ما هي قيمي وأولوياتي، وقد يدرك الفرد أن كثيرًا من وقته وحياته بني على فروض زائفة.
  • الإعتراف بنهاية الحياة فيبدأ الشخص في مواجهة قوته وهذا الإعتراف يجعل الوقت ثمينًا ويؤدي إلى تطور بشأن أولوياته وقيمه.
  •  وضع أهداف خاصة، فالبعض يرى البعض أنه عاش للآخرين فيضع أهدافًا خاصة به لا يى فيها إلا نفسه. فما تبقى من العمر لا يكفي إلا لتحقيق ما يرغب فقط. فقد يلجأ البعض لتغيير المهنة التي لا تستوعب طموحاتهم. أو يقيمون علاقة عاطفية للشعور بالمرغوبية من جديد أو السفر بحثًا عن بداية جديدة.
اقرأ أيضًا: أنواع الاضطرابات النفسية عند المرأة وأهم أسبابها


أعراض أزمة منتصف العمر :

إن الأفراد الذين يمرون بفترة منتصف العمر يكون لديهم بعض من المشاعر منها:

  • البحث عن حلم أو هدف غير محدد المعالم.
  • مشاعر الندم العميقة لعدم تحقيق الأهداف.
  • الرغبة في إعادة مشاعر الشباب الماضية.
  • الاستياء من الحياة.
  • الاتجاه نحو المغامرة والرغبة في عمل أشياء مختلف.
  • الحيرة حول من يكون وإلى أين يتجه
  • وتعتبر أزمة منتصف العمر هي أزمة الهوية الثانية بعد مرحلة المراهقة حيث يعاني فيها الأفراد ما يعانوه في مرحلة المراهقة الأولى من الشك والحيرة والمرض ولا يمكن تجنب هذه المشاعر وقد يقومون ببعض السلوكيات التالية:
  • الإفراط في الكحول (في الرجال).
  • العزلة والإحباط.
  • الاهتمام الزائد بالمظهر الخارجي.
  • الاستهلاك المنافي للذوق، كالحصول على أشياء غريبة أو ثمينة.

اختلاف أبعاد الأزمة وأعراضها بين الرجل والمرأة:

 

تعد ملامح هذه الأزمة عند المرأة فيما تعانيه من تغيرات بيولوجية ترتبط بانقطاع الطمث، وقد تتأقلم المرأة بفطرتها مع ذلك، أو تشعر بحدة الأزمة من خلال الاضطرابات النفسية والاجتماعية التي تمر بها ويصعب الأمر عليها مع تفاعل هذه المتغيرات وتضافرها مع بعضها البعض.

أما بالنسبة للرجل فهو يعطي الحجم الأكبر للمهنة والخوف من عدم توافر الإمكانيات اللازمة لاستمرار النجاح، أو الشعور بالفشل في تحقيق ما كان يرجوه في عمله ولم يتبق من الوقت والجهد ما يلزم لتبدل الحال من الفشل للنجاح، وتكون هذه هي المرة الأولى في حياة الرجل التي يتأمل فيها نفسه ويقوم بحساب انجازاته طبقًا لمعاييره أو حلمه الذي وضعه في صغره؛ وهي تجربة صعبة على الرجل وعادة يصاحب حالة إعادة التقييم هذه الإحباط، والقلق، والهوس.

 

أزمة منتصف العمر والعلاقات الأخرى:

كثيرًا ما يشاع عن هذه المرحلة تحديدًا عند الرجل الدخول في علاقات أخرى، أو الزواج مرة ثانية ويطلق الألمان على هذا العرض تعبير (الذعر من الباب المغلق) بمعنى السير وراء الفتيات من قِبل رجال منتصف العمر للبحث عن محاولة أخيرة للإنغماس في الملذات قبل غلق الأبواب (كبر السن) خاصة أن الرجل في هذه المرحلة يمر بوضع بالغ الخطورة فهو في أعماق نفسه يتذمر مطالبًا بالتغيير في نمط حياته.

 

اقرأ أيضًا: حل المشاكل الزوجية بالنوستالجيا
لماذا يقدم الرجل على الدخول في علاقات أخرى خلال تلك الأزمة؟

يرجع ذلك لمجموعة من الظروف التي أعدته لذلك؛ فمن السهل على رجل منتصف العمر أن يسترجع شريط حياته الماضية ويتذكر الأشياء التي قدمت له المتعة والإشباع في الماضي فيفكر لماذا لا يحدث ذلك مرة أخرى فالرومانسية قد تطرد الملل، الفراغ الداخلي، و الاكتئاب فهو يعتقد أن الحب يقهر كل شيء حتى فراغه الداخلي وفي بعض الأحيان يشعر الرجل في منتصف العمر باستيقاظ رغبة جنسية داخله يعتقد البعض أنها راجعة إلى تغيير في الهرمونات، ويرى آخرون أنه إذا اعتقد رجل أنه في طريقه لفقدان قوته الجنسية فإنه سوف يصبح فريسة للنزوات؛ فهو لديه فراغًا روحياً وعاطفياً في شخصيته ولابد من شيء أو شخص يملأ هذا الفراغ ويملأ احتياجاته ومما لا شك فيه أنه يوجد شخص يمكنه أن يفعل ذلك فهناك سيدات أبضًا لديهن مشكلات ويبحثن لها عن حل لمتاعبهن؛ فتُظهر الإحصاءات أنه يبدأ بالفعل علاقة غرامية مع إنسانة تكون متاحة بالفعل وذلك هو السبب فيما يعرف باسم رومانسية المكتب (العلاقات الغرامية في مكان العمل).  فتبدأ العلاقة عادة بتبادل التعبير عن المشكلات وبناء جسور الثقة. كما يحدث ذلك أيضًا عبر شبكة الانترنت ( وسائل التواصل) الاجتماعي. ويعلل الرجل ذلك بأنه يستحق قدرًا من السعادة لذلك فهو يبرر نزواته ويقبلها ويقنع نفسه بأنه الدخول في علاقة أخرى سوف يجعل منه زوج أفضل وعاشقًا أفضل.

 

دور الزوجة لتفادي مرور الزوج بهذه المرحلة الخطرة  (ما الذي يمكن أن تفعله)؟

 

  • الارتباط القوي بالزوج منذ السنوات الأولى من الزواج وعدم نسيانه في زحمة تربية الأولاد، والاقتراب من بعضهما البعض لتقريب وجهات النظر بينهما حتى تتكون بينهما فجوة مع مرور الزمن.
  • ثقتها في نفسها وفي زوجها فإذا شعرت المرأة بثقتها في نفسها فإن ذلك ينعكس على بيتها وحياتها أما إذا لم تثق المرأة في نفسها فإن البيت سيتحول إلى ساحة معركة؛ فالجمال ليس في الشكل فقط ولكن في الثقة بالنفس.
  • حاجة الرجل إلى مشاعر العطف والحنان، والحب العميق حتى في هذه السن التي قد تكون في نظر البعض متأخرة، وإضفاء مشاعر الدفء والعاطفة للحياة بينهم ( تحتاج المرأة أيضًا لمثل هذه المشاعر).
  • التعبير عن المشاعر وعدم الخجل منها بكلمة طيبة عابرة، أو الثناء على إنجاز عمل ما، الإعجاب بأسلوب الطرف الآخر مثل هذه التصرفات لها تأثير إيجابي في إشاعة الحب وإشباع الحاجات العاطفية والنفسية.
  • قتل الروتين عن طريق تبادل الهدايا في المناسبات السعيدة مع كلمات رقيقة يكون لها أثر في استمرار السعادة والمودة، محاولة إزالة أي رواسب سيئة نتجت عن سوء فهم وعدم جعلها تتراكم ومعالجة أي اضطرابات بالمصالحة.
  • تبادل الأحاديث الودية بين الطرفين وكسر حاجز الصمت.
  • معرفة طبيعة الحياة ومحاولة إقناع النفس بتقبل كل منهما للآخر على ما هو عليه لما له من أثر في الرضا والسعادة.

 

كيف يمكن تفادي هذه المرحلة بشكل آمن؟

يبدأ الحل بالاستعداد لهذه المرحلة قبل بدايتها وذلك في عدة اتجاهات:

أولًا: من الناحية البيولوجية:-

  • الحصول على غذاء صحي متوازن في المراحل السابقة لهذه المرحلة.
  • الاهتمام بالحالة الصحية جيدًا.
  • ممارسة الرياضة باستمرار وأبسطها المشي يوميًا لما للرياضة من فوائد عديدة في المحافظة على الحالة الصحية والنفسية أيضًا.

ثانيًا: من الناحية النفسية والاجتماعية :-

  • تحقيق انجازات حقيقية ومتراكمة في فترة الشباب وألا نضيع سنوات الإنتاج هباءً.
  • أن تكون الحياة توازن ما بين عطاء الإنسان لنفسه وبين عطاءه للآخرين حتى لا يكتشف الإنسان أنه أعطى كل ما يملك للآخرين نفسه ووقته وكل شيء ولم يعطي نفسه أي شيء.
  • أن تكون لدى الإنسان أهداف وأهداف بديلة حتى اذا أخفق في تحقيق الهدف يكون لديه هدف آخر يمكن تحقيقه يقيه من شعور الإحباط والفشل.
  • الحرص على وجود علاقة قوية مع الله.
  • التحدث عن المشاعر التي يمر بها الإنسان في هذه الفترة لشخص قريب أو أحد المختصين.
  • مع التطور العلمي في مجالات الصحة؛ فقد أصبح من الممكن للإنسان أن يستمتع بالنشاط والحيوية بعد الستين والسبعين وربما بعد الثمانين فالحياة لا تقف عند هذا السن.
  • العودة لممارسة الهوايات التي لم يكن لها متسع من الوقت للقيام بها.
  • عدم التوقف عن كل ما كان يستمتع بها في بداية الحياة وعدم التوقف عن الترويح والترفيه عن النفس بل لقد أصبح هناك متعًا يمكن إضافتها وأصبحت متاحة في هذا السن.
  • يستطيع كل من الرجل والمرأة ممارسة الحب في بكل أشكاله ويستعيدان معا كل الذكريات الجميلة التي مرت بهما.
  • الاستفادة من الوقت في تعلم أشياء جديدة أو أعمال تطوعية مفيدة للمجتمع.
  • على الأبناء مساعدة الأب والأم في هذه المرحلة بالسماع لشكواهم والتفهم لهم والتقدير لما قد يمرون به وتقديم المساعدة اللازمة.
  • أما من الناحية المجتمعية فيجب نشر الوعي بخصوص هذه المرحلة وخصائصها وتبعاتها والتي قد يعاني منها الكثير والكثيرات في صمت وأحيانًا تؤدي إلى ضياع الأسر وتشرد الأبناء.
اقرأ أيضًا: أهم علامات الذكاء العاطفي – 10 علامات أساسية

 

وأخيرًا..عمر الإنسان مراحل قدرها الله ولكل مرحلة ما يميزها فعلينا أن نتقبل الأمر راضين شاكرين لأنها مرحلة عمرية كباقي المراحل.

 

المصادر :

أزمة منتصف العمر لدى المرأة والرجل بين اليأس والأمل ا.د سناء محمد سليمان.

كتاب أزمة منتصف العمر الرائعة ايدا لوشان.

كتاب الرجال وأزمة منتصف العمر جيم كونواي.

أزمة منتصف العمر لدى عينة من النساء رسالة ماجستير إعداد: محمد يوسف عمر.

 

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النرجسي السيكوباتي .. نموذج حي للشيطان على الارض

حقائق مهمة عن اضطراب ثنائي القطب

تطبيقات الذكاء الاصطناعي للدعم النفسي