الاضطرابات النفسية للمرأة الناتجة عن عوامل اجتماعية وبيئية

 

تتعرض المرأة للعديد من الاضطرابات النفسية على مدار حياتها وعلى مختلف مراحلها. وبالطبع تختلف الاضطرابات النفسية التي تواجهها النساء في شكلها وفي أسبابها. فمنها ناتج عن تغييرات هرمونية أي تغييرات فسيولوجية ومنها ما يكون نتيجة لسوء توافق أو نتيجة عوامل اجتماعية وبيئية.

الاضطرابات النفسية للمرأة الناتجة عن عوامل اجتماعية وبيئية:

 

أولاً : سوء التوافق الزواجي:

يمكننا تعريف سوء التوافق الزواجي أو اعتبار الزوجان غير متوافقين في حياتهما الزوجية اذا كانت سلوكيات كل منهما تؤذى الاخر أو تحرمه من اشباع حاجاته بشكل أو بآخر. أو لا تساعدهما علي تحقيق اهدافهما من الزواج أو تفسد علاقتهما الزوجية. وتؤدى حالة عدم التوافق هذه الى معاناة نفسية عند المرأة خاصة لأنها الاكثر معاناة من الرجل والاكثر تعبيرا عن معاناتها. خاصة اذا صاحب عدم التوافق عنف سواء كان لفظي أو جسدي أو سوء معاملة واهمال من الشريك.

حيث تتعرض المرأة المعنفة لواحدة أو أكثر من الأعراض الآتية والتي تترك آثارها علي مختلف جوانب الحياة النفسية والصحية لديها، أبرزها وأشهرها:

  • الاحساس بالعجز والضعف والاعتمادية.
  • الشعور بالإحباط والاكتئاب.
  • عدم الاستقرار والشعور بعدم الأمان.
  • الاحساس بالإذلال والاهانة.
  • اختلال الثقة بالنفس والنظرة الدونية للذات.
  • الاضطرابات المختلفة في الصحة النفسية.
  • فقد الشعور بالسلام النفسي والعقلي.
  • الشعور بالذنب وجلد الذات.
  • فقدان القدرة على المبادأة واتخاذ القرارات .

اقرأ أيضًا: أنواع الاضطرابات النفسية عند المرأة وأهم أسبابها

وتختلف شدة الأعراض بناء علي حدة وتكرار واستمرارية العنف أو الإساءة الموجه ضدها سواء كان عنف جسدي أو لفظي أو معنوي (إهمال – عدم القبول والاحترام). مما سبق يتضح أن هذه الاثار أو بعضها يفضي الى أمراض أو اضطرابات نفسية وجسدية متنوعة، أخطر هذه الاضطرابات:

1. الاكتئاب:

يعرف فرويد الاكتئاب على أنه عوامل شعورية ولا شعورية من شأنها احداث احساس بخيبة الامل والحزن واليأس. اما عند لونج ايدلبرج، فان الاكتئاب عرض عصابي يتميز بنقص الاهتمام بالعالم الخارجي. وزيادة العدوان تجاه الذات والنقد الذاتي ومشاعر الذنب. واتهام الذات وكل ذلك يتعلق بفقدان موضوع ما لدى الشخص المكتئب. أما حامد زهران - (2005) فان الاكتئاب حالة من الحزن الشديد المستمر تنتج من الظروف المحزنة الاليمة. وتعبر عن شيء مفقود وان كان المريض لا يعي المصدر الحقيقي لحزنه.

ومن خلال التعاريف المختلفة يتبين أن الاكتئاب هو حالة انفعالية حادة تتميز بنقص النشاط واضطراب في النوم والشعور بالإثم والحزن الشديد واليأس من الحياة ونقد الذات وتتدرج أنواعه كالتالي:

  • الخفيف وهو أخف الأنواع حدة.
  • المعتدل وهو لا يشكل خطورة الا في حالة التردي.
  • الحاد وهو اشد صور الاكتئاب خطورة.

اقرأ أيضًا: علامات مرض الاكتئاب وأشهر أنواعه

 

2. الاضطرابات السيكوسوماتية (تأثير العوامل النفسية على الجسد):

أمراض تؤثر فيها العوامل الذهنية والنفسية للمريض تأثيرا كبيرا في نشوئها وتطورها مثل ( الصداع النصفي، الاكزيما، القرحة، القولون العصبي). وفى حالة اجراء فحص طبى لا يظهر لهذه الأمراض أي أسباب عضوية. أو في حالة مرض ناتج عن حالة عاطفية أو مزاجية مثل الغضب أو القلق أو الكبت أو الشعور بالذنب في هذه الحالة تعد مثل هذه الحالات أمراض نفسجسمية (نفسية جسمية) وهناك قائمة من الأمراض المعقدة حيث يلعب العامل النفسي في ظهورها دورا محوريا مثل (ارتفاع ضغط الدم , القولون العصبي , اضطراب الجهاز العصبي الذاتي متلازمة التهاب الدماغ وآلام العضلات . )

أعراض الاضطرابات السيكوسوماتية :-

  • تغير السمات الشخصية للفرد، حيث تظهر عليه علامات التشوش والاهتزاز النفسي .
  • تأثير متبادل بين النفس والجسد، فالجسد يتأثر بالحالة النفسية للفرد كما أن نفسية الفرد تتأثر بالحالة المرضية للجسد.
  • معاناة الفرد من الحالة النفسية السلبية على مدار فترة طويلة من الزمن.
  • تغير فى وظائف الجسم.
  • عدم فعالية العلاج الدوائي في علاج الاضطراب الذى يعانى منه الشخص.

أسباب الأمراض السيكوسوماتية:-

  • الصراع النفسي داخل الذات أو مع الغير الناشيء من الضغوط التي يتعرض لها الشخص في تفاصيل حياته سواء داخل المنزل أو خارجه.
  • معاناة الفرد من اضطراب التكيف أو بمعنى آخر عدم قدرة الفرد على التكيف مع المتغيرات التي تطرأ على حياته وخاصة التغيرات التي توقعه فريسة للتوتر .
  • الحساسية المفرطة وشعور الانسان بالذنب تجاه أي تصرف يصدر منه أو يصدر عن الاخرين تجاهه.
  • افتقاد الشخص للحب والامان ومصدر الطمأنينة واحساسه بالهدوء والراحة , وبالتالي قدرته على التعامل مع الضغوط .
  • عدم قدرة الفرد على تحقيق احتياجاته الأساسية مما يولد لديه صراعا داخليا ينعكس على نفسيته التي تسبب اصابته ببعض الأمراض الجسدية .
  • خبرات شعورية سلبية يمر بها الفرد في حياته مثل الفشل  أو وفاة شخص قريب الى نفسه.
  • الانفعال حيث تؤكد البحوث أن تعرض الشخص المضطرب سيكوسوماتيا لأحداث انفعالية تعجل وتكرر من ظهور الاضطرابات الجسدية فالانفعال عامل معجل على الرغم من أنه قد يكون ناتج عن حادث بسيط .

اقرأ أيضًا: الأفكار الانتحارية وطريقة التعامل معها

ثانياً أزمة منتصف العمر :

وهي مرحلة يمر بها الرجال والنساء على حد السواء ولكننا نتناول هنا الجزء الخاص بالمرأة .

تعريف أزمة منتصف العمر :-

هي حالة نفسية يمر بها الأفراد بحالة من الشك والقلق ويشعرون خلالها بعدم الراحة عند إدراك أن نصف العمر قد انتهى وتتميز بأنها فترة زمنية مليئة بالضغوط

 

  • أكد العديد من الباحثين أن هناك لحظات حرجة تمر بالأفراد في مراحل حياتهم المختلفة ومن بينها أزمة منتصف العمر والتي قد تستمر لعدة سنوات، وأكد آخرون أن غالبية الأفراد يمرون خلالها بمرحلة انتقالية وهي تظهر ما بين سن الأربعين والخامسة والأربعين وتستمر ما بين 4 أو 5 سنوات وأحياناً تبدأ هذه المرحلة في سن الخامسة والثلاثين وتستمر إلى الخامسة والأربعين، ويعاني واحد من عشرة أفراد على الأقل من أزمة منتصف العمر، وتستمر في الإناث من سنتين إلى خمس سنوات .

 

أسباب أزمة منتصف العمر:

تتعدد الأسباب المؤدية لأزمة منتصف العمر منها ما يأتي :

  • أسباب مهنية: وهي جميع الضغوط الخاصة بالعمل من ضغوط وأعباء و فقدان الوظيفة أو الانتقال منها، وتدني الآداء الوظيفي وغياب الثناء والتقدير.
  • أسرية: ومنها استقلال الأبناء، الخيانة الزوجية، الخلافات الأسرية، عقوق الأبناء
  • فسيولوجية: انقطاع الطمث وتدهور الصحة العامة، عدم القدرة على الإنجاب، تغير الملامح حيث ظهور التجاعيد والترهلات والسمنة
  • اجتماعية: تغير مجرى الحياة، الشعور بمرارة الواقع وفقدان المساندة الاجتماعية
  • نفسية: التوتر وفقدان معنى الحياة، الفشل في تحقيق الأهداف وانعدام الطموح، الفراغ العاطفي، الخوف من الموت، صراع القيم والمبادئ
  • صدمية: الإصابة بمرض مزمن أو استئصال أحد الأعضاء، الطلاق، الترمل، وفاة أحد الأبناء أو الوالدين أو أحد الأصدقاء.
  • مرحلة الطفولة: تعتبر مرحلة الطفولة سبب رئيسي لأزمة منتصف العمر ويرجع سبب الأزمة إلى الحرمان من الحب والاهتمام في هذه المرحلة، وتعتبر أيضاً عملية للبحث عن الشباب الضائع وصرخة استغاثة لحرمان الطفولة وعدم تكوين الهوية في مرحلة المراهقة نتيجة للتشتت.

اتجاهات الأفراد في أزمة منتصف العمر:-

تلازم أزمة منتصف العمر عدة اتجاهات في حياة الفرد وهي :-

  • التقييم الذاتي: يعيد الفرد تقييم نفسه وشخصيته
  • إعادة تقييم الماضي: وهي أسئلة يطرحها الفرد على نفسه باحثاً عن إجابتها مثل ( ماذا فعلت بحياتي، ما هي قيمي وأولوياتي وأحياناً يدرك الفرد أن كثيراً من حياته بني على أوهام وذهب هباءً
  • الاعتراف بنهاية الحياة: يبدأ الفرد في مواجهة قوته وهذا الاعتراف يجعل الوقت ثميناً مما يغير من أولوياته وقيمه .

قد يرى البعض أنهم عاشوا للآخرين فيضعوا أهدافاً لا يرون فيها إلا أنفسهم فبالنسبة لهم ما تبقى من العمر لا يكفي إلا لتحقيق ما يرغبون فقط، فقد يلجأ البعض إلى تغيير المهنة التي لا تستوعب طموحاتهم أو يقيمون علاقة عاطفية للشعور بالمرغوبية من جديد وبناءا عليه فقد يكون لديهم المشاعر  أو السلوكيات الآتية:

  • البحث عن حلم أو هدف غير محدد المعالم.
  • مشاعر الندم العميقة لعدم تحقيق الأهداف.
  • الرغبة في إعادة مشاعر الشباب الماضية.
  • الاستياء من الحياة.
  • مشاعر الاتجاه نحو المغامرة والرغبة في عمل أشياء مختلفة.
  • الحيرة والضبابية حول من يكون وإلى أين يتجه.
  • الاهتمام الزائد بالمظهر الخارجي .

اقرأ أيضًا: أعراض التوتر والضغط النفسي والجوانب الإيجابية المصاحبة لها

أعراض أزمة منتصف العمر :

  • عدم الاستقرار، الاستثارة، فرط النشاط أو الخمول والهدوء.
  • الاضطرابات النفسجسمية (النفسية / الجسدية) : الوهن (الضعف)، الصداع، الدوخة، فقد الانتباه والتركيز، الأرق
  • القلق وسرعة الانفعال والعدوانية.
  • الشعور السريع بالتعب والإرهاق والإجهاد.
  • التوتر العصبي واضطرابات النوم.
  • فقدان الشهية وعدم الرغبة في القيام بأي عمل حتى الأعمال الروتينية.
  • زيادة الشكوك والوساوس.
  • الاكتئاب النفسي.
  • الشعور بالوحدة.

 

مصادر:

الطب النفسي المعاصر لدكتور أحمد عكاشة

العدوان والاكتئاب في العصر الحديث لحسين فايد

الأسرة والعلاج الأسري داليا مؤمن

أثر سوء التوافق الزواجي - دراسة ميدانية إعداد فطيمة ونوغي

أزمة منتصف العمرلدى عينة من النساء - رسالة ماجستير إعداد محمد يوسف عمر

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النرجسي السيكوباتي .. نموذج حي للشيطان على الارض

حقائق مهمة عن اضطراب ثنائي القطب

تطبيقات الذكاء الاصطناعي للدعم النفسي