اضطراب ما بعد الصدمة PTSD .. أهم أسبابه وأعراضه

بقلم: شيماء عبدالمجيد

يعرف اضطراب ما بعد الصدمة بأنه اضطراب نفسي شديد يتبع حدث صادم. ويُشترط أن يكون الحدث مهدد لحياة الشخص أو آخرين، "سواء عايشه الفرد بنفسه أو رآه أو تعرض له أحد المقربين" حتى يتحول إلى صدمة نفسية.

تعريف الصدمة:

حادث يهاجم الإنسان ويخترق الجهاز الدفاعي لديه، وإمكانية تمزيق حياة الفرد بشدة. وقد يكون هذا الحدث خبرة شخصية مباشرة والذي يتضمن موت فعلي أو تهديد بالموت، أو إصابة شديدة. أو غير ذلك من التهديد للسلامة الجسمية، أو مشاهدة حدث يتضمن موت او إصابة. أو تهديد لسلامة الجسم لشخص آخر أو عضو من أعضاء الأسرة أو المقربين. وقد ينتج عن هذا الحادث تغير في الشخصية. أو مرض عضوي إذا لم يتم التحكم فيه والتعامل معه.

الأحداث المتسببة في اضطراب ما بعد الصدمة إلى:

كوارث طبيعية: الزلازل، البراكين، الأعاصير.
من صنع البشر: حوادث السيارات، القطارات، الطائرات.
حوادث بها إيذاء مباشر: الحروب، الحوادث الإرهابية، حوادث الاغتصاب، الأسر، التعذيب.
وفاة مفاجأة، أو مرض خطير يتعرض له الفرد نفسه أو أحد أفراد أسرته، أو المقربين.
الصدمة المعنوية: مثل أن يتعرض الشخص لصدمة في انهيار الصورة المثاليه لديه عن شخص آخر يشكل له نموذج للمثل الأعلى (أب – أم – شخصية قيادية- رجل دين)، كذلك الصدمات الناتجة عن الفشل في الحياة العاطفية مثل الطلاق والإنفصال.
التعرض المتكرر أو الشديد للتفاصيل المكروهة لأحداث صادمة. مثال: ضباط الشرطة الذين يتعرضون باستمرار لتفاصيل الاعتداء على الأطفال، الحوادث، أو المستجيبين لجمع البقايا البشرية في حالات الانفجارات والحروب أو فرق الإنقاذ في حالات الكوارث.

تختلف استجابات الأفراد للحادث الصدمي اختلاف كبير وهذا الاختلاف يعتمد على:

ظروف الصدمة: نوعها -مدتها- الأشخاص.
الفروق الفردية بين الأشخاص في الاستجابة للصدمة نفسها.
طرق مواجهة المشكلات والتغلب عليها.

يعتبر الفرد مصاب بحالة اضطراب ما بعد الصدمة في إحدى الحالتين:

استمرار الاستجابات الطبيعية للصدمة لمدة تزيد عن شهر.
عندما لا تظهر ردود الفعل الصدمية بعد الحدث مباشرة، ولكن بعد فترة زمنية وهذا ما يعرف بظاهرة الأعراض المؤجلة لاضطراب ضغوط ما بعد الصدمة.

اقرأ أيضًا: الاكتئاب وأشهر أنواعه وأعراضه

أعراض اضطراب ما بعد الصدمة:

أعراض اقتحامية: أن يواجه الشخص أفكار وصور تقتحم وعيه دون قصد وتعيده لحالة الانزعاج والقلق.
أعراض تجنبية: الابتعاد عن كل ما يذكر بالحدث الصادم  مثل رفض الحديث عنه، عدم الذهاب إلى مكانه، وقد يبدو التجنب على شكل حالات إغماء، وفقدان ذاكرة جزئي وربما كلي فيما يخص تفاصيل الحادث.
أعراض جسدية: وتكون نتيجة شدة الانفعال مثل:آلام المعدة، سرعة ضربات القلب، الصداع، فرط التعرق، التهيج، اضطرابات النوم.
يشعر الفرد وكأنه في حلم وأن العالم حوله غير واقعي، أو يشعر الفرد و يتصرف (يأخذ رد فعل) كما لو كان الحدث يتكرر وقد يعبر عنه بفقدان الوعي أو مظاهر هستيرية أخرى ( شلل الهستيري) وتكون الهستيريا في هذه الحالة دفاعية تعطي الفرصة للشخص كي يفرغ انفعالاته وهي تقلل احتمال تحول الانفعالات إلى أمراض عضوية.
الإحباط النفسي الشديد أو لفترات طويلة عند التعرض لمثيرات داخلية (ذكريات) أو خارجية ترمز أو تشبه جانبًا من الحدث الصادم بما في ذلك الذكرى السنوية للحدث.
تجنب عوامل التذكر الخارجية (الناس، الاماكن، الأحداث، الانشطة، الأشياء، المواقف، والتي تثير الذكريات المؤلمة.
معتقدات سلبية ثابتة عن الذات أو الآخر أو العالم (أنا سيء، لا يمكن الوثوق بأحد، العالم خطير بشكل كامل)
إدراك مشوه عن سبب الحدث أو عواقبه ( مثال إلقاء اللوم على الذات).
حالة عاطفية سلبية تتمثل في الشعور ب (الخوف، الرعب، الغضب، الشعور بالذنب، أو العار "في حالات الاغتصاب").
مشاعر النفور والانفصال عن الآخرين.
عدم القدرة على تجربة السعادة والرضا أو مشاعر المحبة.
قلة الاهتمام بشكل ملحوظ للمشاركة في الأنشطة الهامة.
سلوك متوتر ونوبات غضب (دون استفزاز من أحد أو استفزاز بشكل بسيط) والتي عادة يعبر عنها بالاعتداء اللفظي أو الجسدي تجاه الاشياء أو الناس.
التهور أو سلوك تدميري للذات
التيقظ المبالغ فيه.
الفزع المبالغ فيه.
ضعف التركيز.
اضطراب في النوم (صعوبة الدخول في النوم، أو البقاء نائمًا، أو النوم بشكل متوتر).
عدم القدرة على التكيف وضعف مستوى الآداء.
عدم القدرة على التوافق مع الأفراد المحيطين بالشخص.
كوابيس متعلقة بالحدث.

اقرأ أيضًا: الأفكار الانتحارية

هناك عوامل تؤدي إلى زيادة احتمالية الإصابة بـ اضطراب ما بعد الصدمة PTSD منها:

كلما كانت الكارثة اكثر فجأة كلما كانت أعمق وأكثر احتمالا للتجسيد (الأمراض العضوية)
مدى حدة الصدمة واستمرارها فكلما كانت الصدمة أشد وأطول زاد احتمال من تعرضوا لها للإصابة باضطراب ما بعد الصدمة.
مدى قرب الشخص من الحادث ومدى خطورته.
الصدمات السابقة التي تعرض لها الفرد ومدى المعاناة منها.
احتمال إصابة الأفراد باضطراب ما بعد الصدمة PTSD بعد الكوارث التي من صنع الإنسان أكبر من الكوارث الطبيعية نظرًا لاعتبار الأولى مستهدفة عن تعمد الضحية.
أسلوب التكيف والدعم والمساندة التي يحصل عليها الفرد، هل يحصل على دعم عاطفي من أسرته وأصدقائه المقربين؟ فيكون احتمال الإصابة أقل عندما يتلقى الفرد ويتوقع المساندة والدعم.

 

تطور اضطراب ما بعد الصدمة PTSD ليس رد فعل للحدث الصدمي فقط؛ وإنما قد يكون نتيجة لاضطرابات نفسية واجتماعية موجودة مسبقًا لدى الفرد خلال فترات ضعف في حياته، وبالتالي نكون أمام اضطراب نفسي فيه من الشدة والصعوبة ما يجعله يترك أثرًا على الاستقرار النفسي والصحة النفسية للفرد وهذا ما يستدعي الإهتمام به.

التفسير البيولوجي لأعراض اضطراب كرب ما بعد الصدمة:

تؤدي الصدمة إلى تغييرات في نشاط الناقلات العصبية والذي يؤدي بدوره إلى مجموعة من النتائج مثل: فقدان الذاكرة، الاستجابات الانفعالية ذات الشدة، والثورات الانفعالية والغضب والعنف، ومثل هذه الثورات ترتبط بالنشاط الزائد لإفراز الغدة الأدرينالية والمثيرات المرتبطة بالصدمة.
النقص في مستوى الجهاز العصبي المركزي من الأدرينالين وما يترتب على ذلك من اختلالات في الوظائف مثل: فقدان الشعور باللذة، الشعور بالحذر، الانسحاب من الأنشطة الاجتماعية.
التعرض المفاجئ أو المستمر أو الشديد للضغوط الصادمة يقود إلى العديد من التغييرات السلبية والتي تسبب تدمير أو تغيير في المسار العصبي.
العديد من الدراسات تناولت أثر اضطراب مع بعد الصدمة على المخ وما يترتب على ذلك من حدوث تغييرات تتمثل في: التغييرات التي تحدث في وظيفة السيرتونين والتي ترتبط بفقدان الشعور باللذة أو الانغماس في الخبرة الصادمة والذكريات المؤلمة التي ارتبطت بها و تفاعلت معها.

اقرأ أيضًا: الاكتئاب المبتسم

العلاج:

للعلاج النفسي دور مهم في التغلب على اضطراب ما بعد الصدمة وردود الفعل الناتجة عنه، ويجب أن يعتمد التدخل العلاجي على ما يلي:

أن يكون تم عمل فحص نفسي متكامل.
يجب أن يتم الإخبار عن كل الطرق والمعلومات التي سوف تستخدم في العلاج.
أن يكون الفرد قادر تقبل و التأقلم مع التدخل العلاجي.
وهناك طرق معروفة في التدخل مثل: العلاج النفسي الفردي، والعلاج السلوكي المعرفي، العلاج الدوائي.

 

المراجع:

مقدمة في الطب النفسي العام : ا.د / عادل محمد المدني، د / إسماعيل صادق ، جامعة الأزهر.

دراسة ماجستير للباحثة: علا صالح عبد الرحمن، إشراف د/ عبد الفتاح عبد الغني الهمص، كلية التربية، ماجستير علم النفس، شئون البحث العلمي والدراسات العليا، الجامعة الإسلامية غزة.

دراسة ماجستير في الإرشاد النفسي للباحثة: إيمان علي بدر، إشراف د/ ريما سعدي، جامعة تشرين، كلية التربية، قسم الإرشاد النفسي 2015/2016.

الطب النفسي المعاصر: د/ أحمد عكاشة.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النرجسي السيكوباتي .. نموذج حي للشيطان على الارض

حقائق مهمة عن اضطراب ثنائي القطب

تطبيقات الذكاء الاصطناعي للدعم النفسي